Home

خاص لبنان الحرّ: على الحكومة الجديدة أن …

11-02-2019

بقلم : بسام البيطار

84  مليار دولار قيمة الدين العام. 4 مليار دولار وما فوق قيمة العجز السنوي في موازنة الدولة اللبنانية لعام 2018. نحو 49 مليار دولار قيمة الأجور العامة التراكمية بين عامي 2007 و2018 في لبنان.

بعض الأرقام غير المعقولة في بلد تأخرت الحكومة الجديدة فيه إلى حدّ تسعة أشهر قبل أن تبصر النور، بعد انتخابات نيابية تأجلت ثلاث مرات. والحكومة تكاد تخسر أموال مؤتمر “سيدر” الذي أقيم في باريس في نيسان عام 2018 لدعم الدولة ومشاريعها. وتتخطى قيمة هذا الدعم 11 مليار دولار غالبيتها من القروض الميسّرة بفوائد منخفضة، وجزء آخر منها على شكل هبات.

لكن، يتخوّف البعض من حَذوِ أموال “سيدر” حَذوَ أخوته السابقين “باريس 1″ و”باريس 2″ و”باريس 3”. إلا أن الدولة اللبنانية بحاجة ماسة إلى القروض والهبات من أجل تحريك العجلة الإقتصادية. وهنا يكمن التحدي أمام الحكومة التي تحمل بين يديها ملفات ثقيلة ومزمنة، صَعُب على الحكومات السابقة حلها.

وانطلاقًا من دورها، تقع الدولة محورًا أساسًا في التشريع والرقابة والتنظيم، آخذة بالإعتبار إعادة توزيع الثروات على المواطنين. ويدرك المسؤولون فيها أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، خصوصًا لجهة الإنفاق العام. إذ تشير الأرقام إلى أن الميزان الأولي الذي يمثل مداخيل الدولة الصافية من دون احتساب ديونها، لا يغطي خدمة الدين العام، الذي يشكل نسبة تقارب 50 بالمئة من المدخول العام.

فالإجراءات التي يمكن للدولة أن تتبعها هي:

أولًا: خفض الإنفاق العام وتحديد مزاريب الهدر في الإدارات اللبنانية بهدف قطعها والعمل على تحسين الإنتاجية. فقد أظهرت التقارير الدولية وأهمها تقرير البنك الدولي في خريف عام 2018 أن معالجة الفساد والقضاء عليه يقلّصان من الإنفاق وبالتالي يُعاد توجيه هذه الأموال المهدورة إلى إطارها الإدراي المناسب.

ثانيًا: يعود سبب تردّي الإنماء إلى غياب الإستثمارات بشكل خاص، خصوصًا بعد الأزمة بين دول الخليج العربي ولبنان. من هنا، على الدولة اللبنانية اعتماد سياسات إنمائية شاملة وأخرى مالية صارمة من أجل جذب استثمارات جديدة والحد من الهدر في الإنفاق العام. ومع هذه الخطوة، ينخفض العجز في الموازنة، لتتمكن الدولة، شيئًا فشيئًا، من تحسين أدائها وصورتها أمام الشعب والمجتمع الدولي.

ثالثًا: عليها أن تضع خطة مدروسة تعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص خصوصًا في مشروع الكهرباء، لأن أموال القطاع الخاص وخبرته على الساحتين اللبنانية والعالمية تُعدّ مميزة وفريدة، تستطيع الدولة أن تستفيد منها لتحسين بنيتها التحتية. إضافة إلى امكانية الإستفادة من القطاع الخاص في مشاريع مختلفة ابتداء من الطرقات والإنارة وانتهاء بأحوال البيئة والنفايات وغيرها من النشاطات الإقتصادية التي لا يصعب على القطاع الخاص تخطيطها وتنفيذها. غير أن المطلوب في ذلك، هو عدم دخول المحسوبيات على خط التلزيمات لأن الأمر سينعكس سلبًا على فعالية النشاطات، فيُبقي الوضع على حاله أو يعيده إلى الوراء.

رابعًا: بما أن البطالة في لبنان تجاوزت نسبة 31 بالمئة من المواطنين، من واجب الدولة تأمين فرص العمل لكل مواطن في سنّ العمل من أجل إكفاء الذات وتحريك العجلة الإقتصادية. فبعد اجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الملائمة إلى لبنان، تنخفض نسبة البطالة ويعود ضخ الأموال بين الناس وتتحرك الدورة الإقتصادية تلقائيًا، لتمكّن المواطنين من الحصول على الأموال التي تسمح لهم بالصرف والعودة بالمنفعة على كامل الإقتصاد اللبناني.

خامسًا: انطلاقًا من حرص الدولة على توزيع الثروات بشكل عادل على الناس، يُنتظر منها تطبيق سياسة الضريبة التصاعدية، أي زيادة الضريبة على الفرد بحسب مدخوله وحجم رأس المال الذي يملكه. فالأرقام في لبنان تبيّن أن 0,3 بالمئة من المواطنين يملكون أكثر من نصف الثروات اللبنانية. وهو رقم يدل على عدم المساواة بين اللبنانيين.

إلى كل ما سبق، يُعوّل على مؤتمر “سيدر” تأمين الأموال للمشاريع التنموية وأبرزها في البنى التحتية. ومن الأمور المطمئنة، شرط “الرقابة” على المشاريع التي تؤمن تمويلها الدول العربية والغربية وغيرها من خلال قروض وهبات. ولا يغفل “سيدر” تمويل القطاع الخاص الذي يمدّه ببعض القروض والهبات الداعمة لعمله وإنتاجاته في السوق اللبنانية. إشارة إلى أن التمويل الدولي لن يأتي إلا على أساس الجدوى الإقتصادية للمشاريع المقترحة.

الأوضاع الإقتصادية كما ظهرت لا تضع لبنان في صورة إيجابية بل على العكس تشير إلى انهياره القريب في حال استمراره بالانحدار وبقاء الوضع على ما هو عليه، غير أن الإجراءات المذكورة تحمّل الدولة مسؤولية إنقاذ البلد أو إفشاله.

وبناء على ما تقدم، وبنتيجة كل المشاريع الموجودة في متناول الدولة اللبنانية، لن يغفر أي ذنب أو خطأ قد تقترفه الحكومة الجديدة في مشاريعها التي يُطلب أن تكون قريبة وعاجلة، لأن الآمال كلها معقودة عليها بعد أن وضعت “العمل” نصب عينيها، فإلى العمل اليوم اليوم وليس غدا.

 


Current track
Title
Artist