Home

درب النهضة والقيم الإنسانية والحضارية

28-08-2019

بقلم هدى عيد

 

خلصت دراسة قامت بها بعثة “إرفد” في العام 1968 بناء على طلب الرئيس فؤاد شهاب، إلى أنّ ما ينقص لبنان أكثر من الماء والكهرباء والطرقات، رجالاً ينذرون أنفسهم للخير العام.

إذاً المشكلة في لبنان هي بالإنسان وبذهنيته وبقيمه المتبعة، حيث لاينقص بلدنا شيئاً كي يكون على النموذج السويسري الذي لايملك من الطاقات والإمكانات التي تملكها الدول المحيطة به لكنّه من أرقى الدول في العالم باقتصاد صناعي خدماتي صغير.

وما يقال في لبنان يصح في المنطقة العربية. فما يتمّ الإعلان عنه بهدف الوصول إلى السلطة كما حدث مع الإخوان المسلمين في مصر، الذين لم يكن التغيير والسير على درب النهضة في صلب أولوياتهم وإنما السلوك والقناعة بأنّ الإنسان قيمة فاعلة ومسؤولة.

عالم الاجتماع الدكتور ميشال عوّاد اعتبر أن ما نشهده في المنطقة العربية من تخلف ليس مسؤولاً عنه الدين وما يُحكى عن تلازم بين النهضة واللادين غير صحيح، والإمبراطورية الرومانية خير دليل على ذلك، حيث الآلهة كانت تُشرى وتُباع، أضف إلى ذلك أنّ الكنيسة هي أساس النهضة في أوروبا ولاتزال، وهي ليست مسؤولة عن الفقر حينها وإنما غياب النظم الاجتماعية التي تقوم على اقتصادات ثابتة. إنّ ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط، ظاهرة موجودة في كلّ الأديان وإنما بنسب مختلفة تبعاً للتطور التكنولوجي ومنظومة القيم الإنسانية والحضارية الخاصة في كل مجتمع، والتفتيش عن هوية، بالتمسّك بحرفية الدين والتزمت وعدم قبول الآخرهو ما يحاول المتطرفون التفتيش عنه في الشرق.

ليست المنطقة في مرحلة عبور من الظلام إلى النهضة كما حدث في أوروبا، حيث انبثق فجر الأنوار الذي تبلور فيما بعد بصورته المزدهرة بالحضارة الحديثة والذي مهّد لحقبة جديدة وبدايات عصر شكّل ثورة في مجال الفكر والفن والتاريخ والفلسفة والسياسة والاجتماع. إنّها تسير ببطء شديد باتجاه عصرٍ تمكنت فيه الصفوة في الغرب من إعطاء العالم مفاهيم جديدة للعلم والطبيعة والدين والأخلاق. هو عصر التجديد وحَمْل المشعل لإنارة المستقبل ما انعكس على مجمل الحياة الإنسانية ليغدوَ الإنسان غاية وهدفاً، إحتلّ فيها مكانة عالية وأصبح معجزة عظيمة مسؤولاً عن صنع حياته بأسرها.

لقد نجح الغرب بالاستمرار والتجدد وعدم التعثرأو التوقف برغم أنّ رجالاته غابت، فيما الشرق الذي عرف نوعاً من النهضة في فترة من الفترات توقف وأضحى أسير الحكايات الغابرة يجترّ ذكرياته من دون أن ينتج أيّ جديد.

للإستماع إلى الحديث، عبر الرابط الآتي:

https://www.rll.com.lb/2019/08/24/azamat-wa-kadaya-5/


Current track
Title
Artist

Be Positive الاربعاء والخميس الساعة الخامسة والنصف مع جورج سويديتابعوا