Home

الدولة البوليسية “بلّوها واشربوا ميّتها”

01-07-2020

بقلم بسام البيطار

 

“طريق الحرير الجديدة” أو “الحزام والطريق” هو مشروع الصين التوسعيّ الذي سيجعلها محورا للعلاقات الاقتصادية العالمية، بحسب ما يصفه رئيسها شي جين بينغ. ويقول إن المشروع يسعى إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع من نوعه في تاريخ البشرية، ويشمل بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية.

وفيما تقبّل بعض الدول الأوروبية المشروع بإيجابية حذرة، اعتبرت واشنطن أنه يدعم النفوذ الروسي المتعاظم، ويعزز تأثير بكين الاستراتيجي حول العالم.

في لبنان، ومنذ نحو أسبوعين، أوقف الناشط في الثورة ميشال شمعون بطريقة أقل ما يقال فيها إنها تذكّر بزمن الوصاية السورية، أو كَمن يدهم مصنعًا لتصنيع المخدرات ليضبط الفاعلين بالجرم المشهود. لكن السبب مغاير هنا. فالجرم هو: انتقاد هرَم السلطة المهترئ. نعم. لأن صرخة الجوع ممنوعة. لأن قبول الخطأ فريضة. لأن دمعة المريض، غذاء للمسؤولين.

في بيروت، وفي اليوم الأول من إعادة العمل إلى مطار رفيق الحريري الدولي، تشرّف العائدون على مضض بترحيب وزيري الصحة العامة حمد حسن والأشغال والنقل ميشال نجار، اللذين زارا المطار ليؤكدا سلامة التدابير المتخذة للوقاية. إلا أنهما تفاجآ بردة فعل اللبنانيين الشديدة الغضب تجاه قلة المسؤولية والاستخفاف في الاجراءات. وككل عرس، “القرص” الأكبر للإعلاميين والمصورين. هم الذين لبّوا دعوة الوزيرين لتغطية عودة الحياة إلى المطار، أكلوا نصيبهم من جهاز أمنه الذي نفّذ طلب مسؤوليه بمنع نقل صورة الفوضى، صورة الحقيقة، صورة الفشل.

في إطلالته الأخيرة، اقترح الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن تتجه الحكومة شرقًا في اهتماماتها، لجذب الاستثمارات والمشاريع الصينية أو الكورية الشمالية أو غيرها. ودعا إلى فتح أبواب الحوار معها والاستفادة من خبرتها. غير أن الظاهر يشير إلى أن الحكومة بدأت بالاستعانة بتجارب الشرق لا في المشاريع الاقتصادية أو بالفكر التخطيطي، بل في القمع والشمول والبطش. ويتبيّن جليًا أن المشروع، دولة أمنية بوليسية.

أليس الأجدى القيام بالإصلاحات المطلوبة عاجلًا؟ أليس الأهم الآن، إصلاح قطاعات الكهرباء والاتصالات والجمارك، وخصوصًا ضبط الحدود؟ أليس الأهم الأهم، استعادة الثقة الداخلية والخارجية، من أجل عودة الاستقرار المالي والمعيشي والأمني؟ طبعًا لا. لأن أولوية الحكومة إسكات المنتفضين، بدلًا من التفتيش عن سبب انتفاضتهم والشروع بالإصلاحات. ويل لكم، لأن الانفجار الشعبي سيكون كاسحًا.


Current track
Title
Artist

نقطة عالخبر مع ريما صيرفي الجمعة الساعة الخامسة والنصفتابعوا