Home

كتاب مفتوح إلى القاضي صوّان: حرّرنا!

23-11-2020

بقلم بسام البيطار

حضرة القاضي العدلي فادي صوان،

تحية قلبية صادقة، وبعد،

لمّا وقع انفجار العنبر الثاني عشر في مرفأ بيروت، في السادسة والدقيقة السابعة من مساء الرابع من آب من العام الحالي

ولمّا كُلّفتم بالتحقيق بالقضية-الكارثة بعد عشرة أيام من الزلزال،

ولمّا التَقيتُم وتحدّثتم إلى عدد من المسؤولين في المرفأ إضافة إلى أمنيين ووزراء حاليين وسابقين، كشهود،

ولمّا تأمّل كلّ مفجوع ومتضرر مع عموم اللبنانيين، بتحقيق سريع وشفاف، ولو كان أوّليًّا، أو تأمّلوا بخيط رفيع يصدر عنكم، كجهة قضائية مسؤولة،

ولمّا مضت ثوانٍ، دقائق، ساعات وأيام وليالٍ تخطّت المئة يوم،

لذلك، جئناكم بهذا الكتاب المفتوح لنسألكم، وأنتم في سدّة المسؤولية، في موقع كاشف المجرم، في موقع الديّان لمَن قتَل عمدًا أو قصدًا أو عن سابق تصوّر، أو ربما عن طريق الخطأ، أكثر من ٢٠٠ شخص. وتسبّب بتشوهات وإعاقات في الأجسام والنفوس والحجَر.

نسألكم، سيدي القاضي، مَن خزّن تلك “المواد المتفجرة” في شريان لبناننا؟ مَن يستفيد منها ولأي أغراض؟ ولِم وُجدت في المرفأ؟

نسألكم، أن تُجيبونا عن سبب التفجير، وقد لوّن سماءنا لا بالألوان والمفرقعات، بل بالسواد والحزن واليُتم واليأس. قُولوا لنا لو سمحتم، بكل صراحة وصدق، ما سبب الانفجار التاريخي عالميًا؟

نسألكم سيدي بكل حسرة، ما مصير التحقيق في الكارثة؟ حدثونا من فضلكم، خاطبوا الشعب اليائس الموجوع. خبِرنا أن تفجيرات سابقة، كان التحقيق فيها محليًا، لم ترسُ على برّ الحقيقة والعدالة. خبِرنا ذلك، ونخاف من تكراره. خبِرنا ذلك، وربما يئسنا من المطالبة. أما اليوم، فنطالب بالحقيقة.

نسأل حضرتكم، هل مَن يعرقل عملكم؟ هل من يضغط عليكم لِكبت كل معلوماتكم وتعمية نور الحقيقة؟ واستطرادًا، هل مَن يهددكم؟ عذرًا، إنما من حقنا أن نفهم ونعرف كل الخفايا.

ولكن، سيدي، إذا لم تواجَهوا بأي حائط أو رادع أو مانع أو مهدِّد، فأنتم مدعوون إلى قول كلمتكم ولو ناقصة، ولو مجتزأة، ولو حتى مقتضبة. قولوا: “لمسنا طرَف القضية من هنا أو هناك، ونتابع في كذا وكذا”.

أمّا إذا كنتم حائرين أو خائفين، من أي معلومة أو تهديد، فقولوها صراحةً، ولْيسمع كل العالم دويّ قضيتكم. إن شعب لبنان يساندكم، ودول العالم إلى جانبكم، مع كل إنسان حرّ يطالب بالحقيقة. ولم يكن الحق يومًا سهلًا إلا على الشجعان الأقوياء. نسألكم أن تكونوا منهم.

في سدّتكم، وكأمثالكم، تصدرون الأحكام باسم الشعب اللبناني. وها هو اليوم، يستغيثكم. يطلب لفتة، أو كلمة أو إشارة واحدة بأن القضية لن تموت. هو طبعًا لن ينسى، بل لا يستطيع أن ينسى. لأن أخاه الضحية، وأمّه الحرقى، وأخته المفجوعة، وأباه المجروح، وبيته… الضائع المكسور. وعائلته، كأفكاره ومستقبله تشتّتت.

سيدي القاضي، هي لحظة مصيرية في تاريخ وطننا الذي دخل مئويته الثانية. إنه التاريخ الذي تكتبون. وبيدكم أن تحرّروا لبنان المنكوب، وتُدخلوه باب مئويته الجديدة بمفتاح الحقّ والقانون. فهو لمستحقّ، ورزمة المفاتيح تحملون.

لأجل ما قيل، نودع هذا الكتاب برسم قسَمكم وضميركم ووطنيتكم، راجين منكم تفهّم سؤالنا، ومطالبين بردّكم العلنيّ، تكشفون فيه عن الحقيقة،

على أمل، وما بقي سواه، أن تصلكم رسالتنا، وتتقبلوها منا،

مع خالص الاحترام،

الإمضاء: وكيل الشعب اللبناني.


Current track
Title
Artist