Home

من العراق إلى لبنان

30-05-2020

بقلم هدى عيد

يوصف العراق، او بلاد ما بين النهرين، بأنه مهد الحضارات القديمة وقلب الشرق الأدنى حيث أُولى الشرائع المكتوبة وقوة أشور التي أسست إمبراطورية واسعة تمددت حتى المتوسط.

لا يمكن فصل البعد التاريخي والموقع الجغرافي عن واقعه السياسي اليوم. هو الممر الاستراتيجي الإجباري الذي يمكن عبره التحكّم بملفات عديدة مرتبطة بإيران وسوريا ولبنان، لأنه في قلب الصراع الدائر في المنطقة. فإن اهتز الوتد هناك امتد إلى بلاد الأرز هنا.

لقد زاد من أهميته ما يتمتع به من ثروة نفطية في جنوبه وشماله. لكنّ ذلك دونه عقبات تُرجمت صراعات هزّت كيانه ووحدته في الصميم وصولاً إلى اليوم. فالانقسام السياسي والطائفي بين المكونات الموجودة والفساد وغياب الإصلاح الاقتصادي والمالي والإرهاب وضعف الطبقة السياسية والتدخلات الخارجية من كلّ حدب وصوب عبر ميليشيات وأذرع، عرقلت قيام الدولة السيّدة ووضعت البلاد في مهب الملفات الساخنة وجعلتها فريسة للفوضى وعلى حافة المجهول.

ممّا لاشك فيه أنّ التطورات الحاصلة اليوم تشير إلى أنّ الأوضاع مرشحة بشكل كبير إلى تغيير ينبىيء بسيناريوهات محتملة ليس فقط في بلاد الرافدين وإنما أيضاً في كلّ الخط المترابط بدءاً بسوريا وصولاً إلى لبنان.

فما تواجهه حكومة مصطفى الكاظمي من تحديات جمة من أجل إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية وملفاتها الشائكة من بينها الاستجابة لمطالب الشعب الغاضب، بتجاوز تلك الألغام وبالاستفادة من الجو التوافقي الذي طبع تشكيل الحكومة، يمكن تخطي التركة الكبيرة والثقيلة والقطوع الذي حكم بفشل شتى المحاولات لإصلاح الحال حتى الآن.

إنّ ذلك يعتبر خرقاً نوعياً في حال تحقق، إضافة إلى تنازلات من الأطراف كافة، لتبدأ البلاد مسيرتها السلمية بوضع القطار على السكة الصحيحة فتتراجع إيران مفسحة المجال أمام تحول فعلي، وفي المقابل تترجم الولايات المتحدة دعمها للحكومة بإستعادة الإمساك بالقرار السياسي والعسكري من أجل الخروج من الوضع الراهن ما يشكل انعطافة كبيرة في تاريخ بلاد ما بين النهرين الحديث.

فهل سينسحب ذلك أيضاً على الوضعين السوري واللبناني كما تراجعت إيران في العراق، للإتيان بحكومة يرضى عنها اللبنانيون متحررة من سلطة حزب الله كي تبدأ مسيرتها الإصلاحية الفعلية؟


Current track
Title
Artist

كل الفرق مع ايلديكو: من الثلاثاء الى الجمعة الساعة العاشرة صباحاتابعوا