إيران والاتحاد السوفياتي والسقوط بالضربة الاقتصادية القاضية
26-06-2020
بقلم هدى عيد
أبطل الاقتصاد الشيوعي أو الاشتراكي الموجّه القائم على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج والأراضي مقابل التأمينات الاجتماعية للمواطنين، المبادرة الفردية وأدخل نوعاً من البيروقراطية إلى معظم المؤسسات فقلّ الإنتاج طالما أنّ المواطن يحصل على حاجاته بالحدّ الأدنى من الجهد.
هذه التراكمات التي استمرت طيلة سبعين عاماً من عمر الاتحاد السوفياتي أدّت إلى خلل في بنى البلاد الأساسية، في وقت كان نصف العالم يدور في فلكه من أوروبا الشرقية إلى دول في الشرق الأوسط والفيتنام وكوريا الشمالية وغيرها حيث السوفياتي قارع الأميركي من الندّ إلى الند، مشكّلا القوة الموازية للغرب والجاهز للتدخل دائماً. وعلى الرغم من كلّ ذلك انهار.
سقط النظام بالضربة الاقتصادية القاضية بعد حادثة المفاعل النووي تشيرنوبيل الذي هزّ صورة وهيبة الترويكا الحاكمة وجاء الانسحاب من الافغانستان بعد ضربات المجاهدين الأفغان ليزيد الطين بلة تزلزل جدار برلين فرحل العسكر الروسي عن الشطر الألماني الشرقي وتلاه انسحاب وانفراط عقد حلف وارسو مع ما أعقب ذلك من تحولات أصابت بالعمق عملاقاً لم تستطع صواريخه العابرة وترساناته العسكرية والفضائية والبحرية والنووية من تحصينه في وجه الاهتراء الاقتصادي وغياب الرؤى، فسقط الستار الحديدي بعد نحو سبعة عقود ونيّف من الثورة البولشفية.
أمّا في الحالة الإيرانية فالتردّي بلغ منسوباً عالياً والتراجع في المنظومة العسكرية يطرح السؤال عن قدرتها على المجابهة والصمود. وعمّا إذا كانت صواريخها وترساناتها وحرسها الثوري وميليشياتها المنتشرة في العواصم الأربعة قادرة على حمايتها بينما ينخرها فساد الطغمة الحاكمة والحصار والجوع والوباء والفقر وشعوب تئن على مدى رقعة الهلال الشيعي وصولاً إلى اليمن السعيد؟
فمع شطب قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في عملية أميركية استهدفته، وأزالت بغيابه القيادة الميدانية والاستراتيجية وانتفى التمويل بسبب العقوبات، رغم تحويل غرفة العمليات إلى عهدة حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، إلاّ أنّ تبريد الجبهات مع الأميركيين هو حتى الآن العنوان، ولامن مجيب على الخروقات والغارات الجوية الإسرائيلية المنتظمة على مواقع إيرانية أو تابعة لميليشياتها. فهل هو لشراء الوقت ؟ أم توجس من الرد؟ أم إننا أمام نموذج اتحاد سوفياتي جديد للقرن الواحد والعشرين؟