Home

مزرعة “قفص الدجاج” تمنع الزراعة “بالحلال”

29-05-2020

بقلم بسام البيطار

في فضيحة مخجِلة، تبيّن منذ أقل من سنتين أن في مؤسسة كهرباء لبنان، أقفاصَ دجاج يعيش “مستورًا” داخلها. ولا يقتصر الأمر على وجودها وحسب، بل أظهرت التسجيلات المصوّرة أن الأقفاص تُصنع في غرفتين في حرم المؤسسة قرب المدخل، بحيث لو قام أحد مديري المؤسسة بجولة في المبنى لسمع أصوات الدجاج، ولسمع أصوات المطارق التي تصنع الأقفاص.

قبل أقلّ من عام، وبينما صيف لبنان كان “في عزّه”، اصطدمت حكومة الرئيس سعد الحريري بحادثة أدخلتها في غيبوبة. إذ تعرّض موكب وزير الدولة يومها، صالح الغريب، إلى إطلاق نار في قبرشمون من قبل بعض مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما شارك في لقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي كان في جولة على مناطق الجبل. وتسارعت المشاكل وتفاقمت، “وحِميت” بين الطرفَين. وكانت الحكومة الضحية. فتعطّلت اجتماعاتها حتى طلّ الفرج. “تنذكر ما تنعاد”.

منذ أسابيع، ظهر بغتةً أن لبنان أدخل باخرة “فيول مغشوش”، كان من المفترض أن تزوّد معامل الكهرباء بمصادر الطاقة اللازمة، فتؤمَّن “رفاهية الكهرباء” إلى اللبنانيين. إلا أن الباخرة حملت ما ليس في الحسبان (أو ربّما كانت غلطة كشفت ما كان يحدث منذ زمن، الله أعلم). وللمعلومة، إن الفيول المغشوش هو نوع من الفيول غير الصافي كفايةً، ويتضمن كميات مرتفعة من النفايات التي تُضرّ بالمعامل. ويلجأ المزوّرون لزيادة معدلات النفايات، للاستفادة من زيادة الوزن مقابل كلفة أقل، وبذلك يحققون نسبة أكبر من الأرباح مقارنة مع بَيع الفيول النظيف. وإن كانت مؤسسة كهرباء لبنان على عِلم، أو لم تكن، فالأمر شتّان. “عالحالتين راحت علينا”.

أمس الأوّل، أعلن الجيش أنه أزال أنابيب يصل طولها إلى نحو ثلاثين مترًا، في الأراضي اللبنانية، تستخدم لتهريب مادة المازوت عند الحدود مع سوريا شمالًا في منطقة البقيعة. وكان بدأ، منذ أيام، بضبط شاحنات وآليات مختلفة تهرّب المازوت والطحين والخضر وغيرها من المواد، نحو الأراضي السورية. “عظيم”! طالما اكتُشف أمر المعابر غير الشرعية التي تَسلب مال اللبنانيين وحقوقهم، لماذا لَم يصدر القرار الرسمي بإغلاقها؟ (إنْ فعلًا، اكتُشفت حديثًا).

ليس سردُ هذه الروايات اللبنانية “المشوّقة” من باب “النقّ”، إنما لتأكيد فعالية الدولة المفقودة، ونظرية النعامة التي تغمّس رأسها في التراب لئلا ترى “البلاوي”.

من هنا، وبناء على ما تقدّم، وما لم تُحِط به بعض السطور، يؤكَّد المؤكد: أهلًا بكم في المزرعة. ولكن، لحظة. لا. ليست مزرعة. لأنها لو كانت، لَسمحت لبعض المزارعين بممارسة حقّهم في أرض مشروعة لهم، ولم تتستّر على “مستقوين” أو تغضّ النظر عن تطاولهم على مواطنين عزّل رغبوا في كسب رزقهم “بالحلال”.

“لسنا غزاة” قالها راعي أبرشية جونية المطران أنطوان العنداري، وأكد اللجوء إلى القانون والقضاء لمحاسبة المعتدين. فهل أخطأ المواطن الصالح بالمطالبة بحقّه قانونًا؟ أم وجب عليه العضّ على الجرح وتركُ “الرزق سايب”؟


Current track
Title
Artist

اوعى ما توعا مع جنى غازي: الساعة الثانية عشرةتابعوا