نجوم بيروت والأمل
09-06-2020
بقلم بسام البيطار
قالتها ناديا تويني مرّة: “تبقى بيروت، في الشرق، الملاذ الأخير الذي يتشح فيه المرء بالنور”. كيف لا، وهي مهد الحضارات على مرّ مئات، بل آلاف السنين. كيف لا، وطائر الفنيق في ربوعها، لا يعرف الخضوع والاستسلام مهما اشتدّت عواصف الخوف، وتوالت عليه الضربات.
في بيروت، نور لا يخفت. فيها الحبّ الصادق، ونبض الحياة وبريق الأمل. في سمائها نجوم لا تغفو. لا تهتمّ بالغيوم التي قد تحجبها. ولا تسمح بنسيان لمعانها الأخاذ. صورة بيروت ونجومها، مبهرة لدرجة السحر. لا تسقط ولا تخشى.
نجوم الأمل، ليسوا في السماء. لربما هم هدية من السماء؟! ممكن. لكنهم أمل الأرض الفعليّ. أمل يُعيد النبض إلى ما سوّدته الأيام. أمل ينتشر أسرع من ذاك الوباء. بل يأخذ مقعده في الرئتين، ويتغلغل في العروق والخلايا كالأوكسجين.
ماجدة، نجوى، إليسا، نانسي، مايا وغيرهنّ. تلألأن في سماء بيروت، سطعت أشعّتهم ونوّرت الدنيا. هم نجوم، بتفاؤلهم وضحكتهم وحضورهم ونُبلهم. هم أمل الأرض والشعب والإنسان. تجتمع فيهم صفات إيجابية عديدة، تجعل من صورة بيروت تلك، أيقونة الحياة الجميلة. ومهمتها؟ صناعة الأمل. كيف؟ الأمر بسيط. دندنات خفيفة، إيقاع لطيف، والأهم، إحساس عالٍ يكاد يطال سطح الفضاء، وفرح يتطاير في النسيم، ليرتسم على وجوه أهل الأرض.
هي الصورة الحقيقية لنجوم الأمل. ليسوا كغيرهم من الكواكب الميتة، الشديدة البرودة، التي لا تعرف الحب والسعادة. إنما صورة تُحيكها الأصوات النجومية بحسّ وطنيّ جماعيّ إنسانيّ.
نجومَ بيروت، صنعتم حبًا حيث اشتدّ الكره، وأضأتم عتمة الإنسان حيث قسَت الليالي. كنتم مبادرين، معطائين وحقيقيين، من دون أقنعة، ومن دون تردّد. بنَيتم جسر العبور من الظلمة إلى النور. برهنتم، تمامًا كما قالت ناديا، أنّ نجوم بيروت لن تنطفئ.